المهمة الصعبة

“وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُم بِإِذْنِهِ ۖ حَتَّىٰ إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَعَصَيْتُم مِّن بَعْدِ مَا أَرَاكُم مَّا تُحِبُّونَ ۚ…” قصة معركة أحد هي أحد أهم دروس التاريخ، فماذا لنا فيها؟
هي قصة اختلال الصفوف بعد انتظامها، وهي اللحظة التي ينقض فيها العدو على الإنجازات فيدمرها…
ولذلك تطرح القصة سؤالًا كبيرًا يتجاوز الزمن: من أين يأتي الخلل وتبدأ الهجمة المعاكسة؟ إنها لحظة الفرح واعتقاد أن الأمور تمت وحان أوان توزيع المغانم (من بعد ما أراكم ما تحبون)، عندها تبدأ مشاكل النفوس وتعدد الأجندات…
“وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ” للأسف لم تأخذ دراسة هذه الظاهرة علميًا عندنا حقها من الدراسة الميدانية في حجم الظاهرة وأمثلتها العملية وجذورها العميقة والمنغرسة في الطبيعة الإنسانية…
فالتنازع الذي يقود للفشل ظاهرة معقدة، يختلط فيها الصراع بين البشر والتنافس من جانب، والنوازع النفسية وحساسياتها إلى جانب قصور الإدارة والأدوات من جانب آخر…
والذي دعا لتداعي هذه الخواطر هو الحرص على الأحبة في سوريا، فليس خافيًا أن تجمع الثوار هو تجمع فصائل متنافسة، وعوامل الفرقة والتنافس حاضرة ولابد من الحذر!
الحذر من انقطاع التواصل بين القيادة الحالية وبقية القيادات مما قد يفسر بالتهميش وبأن النزعة الحالية فصائلية، وعندها يكون أول رد فعل هو السلبية والانفصال والخوف من الاستئثار…
مشاغل القيادة في وضع معقد كسوريا ليست يسيرة، والقرارات سريعة، وآليات الشورى وإمكانيات التواصل قليلة، ونشوء الفجوة وارد. ومن هنا مدخل للشيطان كبير، ومن بعده يدخل المتربصون للميدان…
ولو وضعت القيادة فريق عمل يتلقى اقتراحات القادة الآخرين واجتماعًا دوريًا بهم شهريًا أو كيفما كان الترتيب بحيث يتم التشاور حتى وإن كانت الشورى معلمة في هذه المرحلة الصعبة، ولكن التواصل ذاته صمام أمان من انزلاقات محتملة لا يسلم منها الإنسان…
ستنشأ إن شاء الله حكومة نابعة من الشعب وليست فصائلية، ولكن من هنا إلى هناك (خذوا حذركم…) وخذوا بأسباب الألفة وقللوا الفجوات… ورَبِّي يتم أفراحه عليكم وعلى الأمة…
 الخلاصة:
النزعة الفردية والفصائلية ظاهرة محتملة، ومواجهتها مزيج من الوعي والتدبير…
 



